الأفكار السلبية.. لا مكان لها في حياتك بعد الآن

كيف يمكن للأفكار السلبية أن تؤثر على حياتك؟

هل تسيطر الأفكار السلبية على العقل حقاً؟

متى تكون قادرة على تغيير مصيرك إذاً؟

عادة ما تُطرح هذه الأسئلة عند الحديث عن الأفكار بشكل عام، والأفكار السلبية بشكل خاص، وسنجيب في موضوعنا اليوم عن كل هذه التساؤلات بعد أن نتعرف على ماهية الأفكار السلبية، مدى خطورتها، وكيفية السيطرة عليها.

ما هي الأفكار السلبية؟

كثيراً ما تتعرض لمواقف تحزنك أو تغضبك، وكثيراً ما تجد نفسك في مواقف محرجة أو صعبة، كذلك الأمر عندما ترهق نفسك بالمستقبل أو تبقى حبيس الماضي وأحداثه، يترك فيك كل ما سبق كمية هائلة من الأفكار والأسئلة التي تحفز المشاعر، مثل:

لماذا أنا

لن أنجو هذه المرة

الحياة ظالمة

إنه الفشل، لن أنجح بالتأكيد..

أنا ضعيف

تنشأ هذه الأفكار وغيرها نتيجة تقييم المواقف بصورة خاطئة والنظرة التشاؤمية للأشياء إضافة إلى ضعف الإدراك والوعي حيال نفسك، وقد تردد هذ الأفكار بشكل مستمر دون أن تلقي لها بالاً، بينما تتحول هي إلى توكيدات سلبية تترسخ في عقلك الباطن.

أثبتت الدراسات أنك تفكر بما لا يقل عن ستة آلاف فكرة يومياً، نصفها سلبي، ولأن الأفكار السلبية تجول كثيراً وتتكرر حتى تتحول إلى توكيدات يرسخها العقل الباطن ويطبقها، الأمر الذي يقودك إلى حلقة مفرغة من الإحباط والاكتئاب ومشاعر الفشل والضعف، كما أنه يؤدي إلى العديد من الأمراض والعقد النفسية، لذا فإن علماء النفس يركزون على ضرورة السيطرة على أفكارك السلبية قبل أن تسيطر هي على حياتك.

 الأفكار السلبية
الأفكار السلبية

ماذا عن نشأة الأفكار السلبية؟

على اعتبار أن الأفكار الإيجابية هي الوجه السليم للتفكير، فإن الأفكار السلبية هي الوجه المشوه له، ولنستطيع السيطرة عليها علينا أولاً معرفة طريقة وسبب نشوئها من خلال التعرف على التشوهات الفكرية التي تطرأ علينا، ولعل أهم ثلاث تشوهات فكرية هي:

  1. التفكير بطريقة أبيض أو أسود:

إن التفكير بطريقة أبيض أو أسود يعني ألا تقبل إلا بالأشياء والمسميات الكاملة، اللون الرمادي (الحلول الوسطية) غير مقبول لديك.

فأنت إما ناجح تماماً أو فاشل، إما ضعيف أو قوي، إما أن تحب أو تكره.

يعد هذا التشوه في التفكير من أكثر مسببات الأفكار السلبية، حيث أنك ترفض أي خطوة للتحسين والتطوير، ولا يمكنك قبول أو معالجة أي خطأ، وبالتالي فإن نظرتك لنفسك ولمن حولك تبقى سلبية ممتلئة بالشعور بالفشل والضعف والإحساس بالذنب والكره.

  1. التفكير بطريقة “أنا السبب”:

هذا التشوه في التفكير سيمنعك من طرد الأفكار السلبية والسيطرة عليها حيث أنه يشعرك بمسؤولية كل شيء خاطئ يدور حولك وهذا ما يسمى “بالشخصنة”.

أي خطأ في العمل سيجعلك تشعر أنك السبب، حتى مرض أحدهم ستتحمل مسؤوليته كونك لم تهتم به جيداً مثلاً.

إن الدوامة التي تغرقك به الشخصنة متعبة جداً ما إن تستجيب لها حتى تغرق في بحر من الأفكار السلبية لا خروج منه.

  1. التفكير بطريقة المجهر “التصفية”:

ونعني بالتصفية تركيزك على الجوانب السلبية لكل شيء وتكبيرها، فمثلاً لو قدمت عملاً ما، وتلقيت رأي من حولك، فإنك تفصل الآراء السلبية عن الإيجابية، وتقوم بتصفيتها والتركيز عليها، وهذا ما يجعك تشعر بالفشل والضعف ويجر وراءه الكثير من الأفكار السلبية.

 

هل حقاً تؤثر الأفكار السلبية على حياتي؟

يبدأ إدراكك لتأثير الأفكار السلبية على حياتك لحظة وعيك لوجودها أثناء التفكير بها، والوعي بأثرها الكبير على قراراتك من خلال مقارنة بسيطة ومحاكمة عقلية سهلة.

يمكنك أن تبدأها كلعبة أو تحدٍّ بينك وبين نفسك، التقط الفكرة السلبية أثناء تفكيرك بها، وارسم في خيالك السيناريو الذي سيحصل فيما لو تابعت التفكير بذات الفكرة، تخيل جيداً الأفكار التي تليها والعواطف الناشئة عنها، فيزيولوجيا الجسد المناسبة لها، وبالتالي، الكلمات التي ستتفوه بها، والقرارات التي ستأخذها بناء على ذلك.

على الطرف المقابل، استبدل الفكرة السلبية بأخرى إيجابية، وتخيل نفس الخطوات؛ الأفكار التي تلي تلك الفكرة الإيجابية والعواطف الناشئة عنها، فيزيولوجيا الجسد المناسبة لها، والكلمات والقرارات التي ستأخذها بناء على هذه الفكرة الإيجابية وتوابعها.

 

كيف أدرك وجود الأفكار السلبية؟

نظراً لأن الأفكار السلبية تتركز في الذهن أكثر من الأفكار الإيجابية، فإن السيطرة عليها تكمن في إدراكها كما أسلفنا أولاً، ثم استبدالها؛ وليتم ذلك بسهولة إليكم الخطوات السبعة للتقنية التالية:

  1. اجلس في مكان هادئ وتخلص من كل شيء قد يشتت انتباهك.
  2. قم بتمارين التنفس بهدوء، وراقب تنفسك حتى تشعر بالسكون.
  3. لاحظ كل الأفكار التي تطرأ على عقلك الآن، راقبها وكن واعياً لكل منها على حدة.
  4. غربل هذه الأفكار وأنت محافظ على هدوء تنفسك، واطرد الأفكار والمشاعر السلبية.
  5. استبدل كل فكرة سلبية بأخرى إيجابية مثل (أنا ضعيف\ أنا قوي، سيرافقني الفشل غداً\ سأنجح بالتأكيد)
  6. استحضر الأفكار والمشاعر الإيجابية وفكر بها ملياً.
  7. ردد الآن التوكيدات الإيجابية السابقة بشكل مستمر مثل (أنا قوي، أنا ناجح، سأكون مميزاً.. وغيرها).

 

6 خطوات للسيطرة على الأفكار السلبية:

  1. راقب أفكارك جيداً، وحاول أن تعرف أي نوع من أنواع التفكير المشوه ينتابك، واستبدل الأفكار السلبية بالإيجابية فوراً.
  2. انظر للأمور من زاوية مشرقة دائماً، وركز على التخيل الإيجابي وخاصة قبل الإقدام على أمر ما، تخيل السيناريو الإيجابي فللخيال قوة كبيرة في تفعيل الأفكار الإيجابية.
  3. ابتعد عن مصاصي الطاقة، أولئك الأشخاص الذين يتذمرون بشكل مستمر، ويكررون الشكوى والعبارات المحبطة.
  4. ركز على ما تريد فقط، ولا تركز على ما لا تريد، مستخدماً العبارات الإيجابية؛ مثلاً (لا أريد أن أكون فاشلاً “استبدلها بـ “أريد أن أكون ناجحاً).
  5. توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، لأنك مختلف عنهم، ظروفك، كيانك، ورسالتك، كل ما فيك يختلف بشكل كامل عن غيرك، لذا انشغل بخوض تجربتك الخاصة على أكمل وجه.
  6. عش لحظتك الراهنة واعمل لها واستمتع بها، اخرج من سجن الماضي، ولا تلق بنفسك في مجهول المستقبل، إن انشغالك بهذه اللحظة وإنجازك فيها يحقق لك الثقة والشعور بالنجاح، ويخرجك من دوامة استنزاف الطاقة وإهدارها على أشياء مضت وانتهت، أو أشياء لم تأت أصلاً.

 

لا بد وأن الأفكار السلبية سيطرت عليك يوماً ما؛ ولا بد وأنك تتذكر موقفاً بذاته كان ليؤدي إلى نتائج مختلفة لو أنه بُني على أفكار إيجابية.

إن إطلاق العنان لأفكارك ظناً منك أنها عابرة، قد يغير الكثير، لكن بالقليل من الإدراك والمراقبة، ستصبح أنت المسيطر على حياتك من خلال أفكار إيجابية تأخذ بك نحو طريق النجاح والتميز.

لا تسمح للأفكار السلبية بالسيطرة على عقلك، فلا مكان لها في حياتك بعد الآن،

يمكنك أن تكون أقوى من الأفكار السلبية وتقاوم تأثيرها من خلال إدراكها، واستبدالها وتطبيق الخطوات التي تعلمناها سوياً.

نتمنى أن نكون قد قدمنا لك موضوعاً مفيداً حول خطورة الأفكار السلبية وبدأنا معك أول خطوة في سبيل إدراكها والسيطرة عليها.